الأحد، 12 يناير 2014

كاسحة النقاط

بسم الله الرحمن الرحيم



كاسحة النقاط

إن حبي للنصر ليس وليد بطولة أو مباراة، إن حبي للنصر هو رحلة عمر عشتها بين أهلي وأقراني، عشتها وأنا أستمع للمباريات في الراديو وماجد يجلد خصومه والمعلق ينقل لنا الحدث بالمربعات، ومن ثم حضوري لأول مباراة أمام النجمة في ملعب الملز، وأقول بأني قد تعرفت على النصر في طفولتي قبل أن أتعرف على أي شيء آخر.
هذا المكتوب للعقلاء من متصدرين وغيرهم...ولو أني لا أحبذ الكتابة في الرياضة وبالأخص كرة القدم، لأن الناس لم تعد تفرق بين الميول وبين العدول عن الحقيقة، الميول مثلًا هو قولهم: النصر يتصدر بكم النقاط المحصودة مع أن نوعها –أي النقاط- يستحق وقفة. أما العدول عن الحقيقة فهو من قبيل القول: النصر يتصدر بنقاط لجنة الحكام. والثابت المثبت هو أن النصر متصدر، شاء من شاء وأبى من أبى.
مذ أن بدأ هذا الدوري (الجميل) بدحرجة كرته والنصر يتسيّد ويستأسد، ويتخم الخصوم ويكرمهم ويحسن ضيافتهم ولو أن بعضهم يقابل هذا الكرم بالتمرّد فيزيده النصر كرمًا إلى كرم، تصدر النصر فكان بلونه البرّاق المتربع فوق القمة كالشعلة الوضاءة التي أضاءت فكشفت عن بعض الوجوه التي اختبأت في الظلام سنوات وسنوات واللبيب بالإشارة يفهم، تصدر النصر فلهجت ألسن الشيوخ بالدعاء له، تصدر النصر فتصدرت كرة القدم الأخبار ونزفت لها الأحبار، تصدر النصر وانتشرت الوسوم على وسائل التواصل، تصدر النصر فنصّب كل فريقٍ نفسه وصيفًا له!، كل هذا وهو تصدر فحسب.
وبنظرة سريعة إلى سلّم الدوري وأنت تستمع إلى طلال مداح –رحمه الله- وهو يغني (أحبك يا نصر) ستصاب بوكزة بسيطة في المعدة تشبه تلك التي تنتابك وأنت تواجه موقف حب أصيل؛ النصر وطيلة الأشهر الماضية كان المادة الأشهى والألذ، نال منه البعض شبعهم وأصابت التُّخمة بعضهم الآخر، مع أن الهلال تسيّد فترة وكذا الإتحاد وكنت أبارك لهم بطيب خاطر، لكن وعندما تربع وتشيّخ النصر فرّ أولئك الذين باركت لهم في سالف الأيام إلى ما لست أدري!، ومن هذا المنطلق قد يعتريك ما يعتريني بأن النصر حالة خاصة من الحب والإخاء والعِداء، ليس لأنه الأجمل أو الأفخم أو الأمتع...لا..بل لأنه الأصدق، بجمهوره الذين أقاموا الدنيا وما أقعدوها حتى تاريخ كتابة هذه المقالة، وجمهوره لن يقعدها إلا أن يقضي الله بذلك.
إني أبدي اعتراضي على اللفظ المطلق على بعض الكتاب بغرض الانتقاص فيقال (هذا كلام جمهور)، الحقيقة أن الجمهور برأيي يبدو أرجح عقلًا من بعض الكتاب الصحافيين، فمن يقرأ لفلان وفلان، يعرف أنهم يجلسون في غرفة تغيير الملابس وليس في المدرج فحسب!.
من ناحية أخرى، أيها الإخوة...إن ما يجمعنا تعجز كرة القدم أن تُفرقنا عنه، تجمعنا أخوة الدين، وإنه مما يحز بالنفس والخاطر أن تجد الشتم واللعن يتسابقان فيما بيننا والفجور في الخصومة، اجعلها رياضة أذهان لا أبدان فقط.
بعيدًا كل البعد عن نصراويتي اللاسعة، وقريبًا كل القرب من كوني متابع رياضي... كل التوفيق للنصر ولجميع الفرق في قابل الأيام بإذن الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق