الأحد، 11 أغسطس 2013

العائلة المنتقاة

بسم الله الرحمن الرحيم




لك أن تقرأ هذه القصة وأنت تضع خلفية مثل (Hungarian Dance No.5).
حقيقة أنا جئت اليوم لأقول لكم بأن صديقي بندر يتوسد الآن فخذ زوجته في ماليزيا، بندر الآن في شهر العسل، خرّبها و تزوج!.
وحرصًا مني لأن تكون – عزيزي القارئ – في الصورة، وبين طيّات القصة، فسأقول لك كيف يبدو بندر .
بندر ليس أسمر، أو بُني، أو أسود ! أو حتى موف، لا لا أبداً، بندر لونه أشهب ( أدهس ) أحمس، وعندما جاء ليستخرج كرت العائلة كتبوا في خانة اللون هكذا(F0094# )، نعم لقد وضعوا كود فوتوشوب في خانة اللون، ذلك أن العين المجردة لا تستطيع تمييز لونه !؛ بندر هذا غبي جدًا يا جماعة، ليس غبيًا فحسب، بل يمتهن الغباء والبلادة، وأبرد إنسان رأيته في حياتي، هل تريدون دليلًا على بروده ؟ لكم ذلك . . ذهبنا قبل تقريبًا 8 سنوات أو تزيد إلى (دلّة) لاستخراج رخصة قيادة، في ذلك الحين كان المراجع يتبرع بالدم هناك، تبرع بندر وقالوا له تعال غدًا لإكمال بقيّة الإجراءات، وعند خروجنا قلت له: بندر، أسوق عنك ؟، فأجابني بالرفض، الأمر بسيط مجرد دم !، وفور خروجنا من دلة وعند أول إشارة أغمي عليه !، واصطدم في كابريس 2000 جديد لونه فضي، هل قلت اصطدم ؟، بل إن بندر قد قبَّلَ الجهة اليمنى للكابريس من الصدّام الخلفي مرورًا بالأبواب والرفارف و وصولًا للرفرف الأمامي آخذًا معه ما لذَّ وطاب من زجاج الأبواب والمرآة الجانبية وجنوط الكفرات !، النكتة أنه وبعد أن أفاق قال: أوف، بغينا نصدم !؛ ألم أقل لكم بأنه أفدغ مخلوق على وجه البسيطة !، بندر بليد في الدراسة جدًا، بل إنه مُعضلة وزارة المعارف !، عندما دخلت المدرسة لأول مرة كان بندر في الصف الرابع الابتدائي، وصلت إلى رابع وهو لم يتحرك، درست معه في نفس الفصل، أتذكر أنه كان ينام بأي شكل وعلى أي وضع، ينام وهو واقف، وهو يمسح السبورة، وهو في الحمام، وهو يلعب في حصة التربية البدنية، ينام حتى في صلاة الظهر !، ينام في الاختبارات، بل إنه غاب مرة عن المدرسة ولما بحثوا عنه وجدوه نائمًا على عتبة باب بيتٍ قريب من المدرسة!!!، لقد نام وهو يمشي قادمًا إلى المدرسة !، هذا محزن جدًا؛ كان يحاذيه في الفصل صديق لم أستطع نسيان اسمه بعد هذه الحادثة، كان بندر كالعادة نائمًا في حصة القواعد، كان معلمنا الأستاذ/عبد الرحمن الربيعان، عندها لمح الأستاذ بندر نائمًا، فأقامه وسأله عن شيء يخص الدرس قائلًا( أين كان أحمد ) أو شيء كهذا، وطلب منه الإجابة وبسرعة، اللَّعين الذي يجلس بجانب بندر وكزه وقال له بصوت خفيف ( فوق الشجرة.. فوق الشجرة)، فقال بندر وهو فرح (فوق الشجرة!!)، عندها انفعل الأستاذ وحذف بندر بممحاة السبورة!، طبعًا نجحت في الصف الرابع، وتخرجت من المتوسطة، ووصلت الثانوية، وتخرجت منها، وجلست أكتب أمامكم اليوم وبندر لا يزال يلبس الثوب فوق ترنق الرياضة !، كان في بندر لزمة مشهور بها وهي ( قيقْ )، نعم يصرخ هكذا فجأة ( قيقْ )، حتى صاروا يطلقون عليه لقب ( أبو قيقْ )؛ تقول الأسطورة أن بندر كان يذهب مع والده للصلوات وهو صغير، وفي يومٍ ما وفي صلاة العصر بالتحديد وعند التشهد الأخير ظهرت أولى بوادر هذه اللَّزمة عندما صرخ بأقوى ما فيه ( قييييييقْ ) تردد صداها عبر مكبرات الصوت ليسمعها سكان البديعة والعريجاء ولتتجاوز شهرة ( وا معتصماه )، المصيبة أن والده في تلك الصلاة حاول إسكاته ولكن بندر تخلص بطريقة أو بأخرى من قبضة والده وأخذ يجول في المسجد وهو يقفز بين الصفوف ويصرخ ب ( قيييقْ ).. (قيييقْ).. إلخ، الكل كان يظن بأن بندر على وشك أن ( يبيضْ ) !؛ بندر مخفّه، زلابة، على ما وهبه الله من جسد كالبغل إلا أنْ له قلب عصفور، فكم مرة ضُرب حتى عضّ الأرض ونواتها، وكم مرة فركوا أنفه في جدران المدرسة والمقصف !، لكن الذي لا تتناطح عليه عنزان هو غباءه، فلا تراهن عليه كما فعلت ذات مرة عندما قال أحدهم سأقنع بندر بوجود ( ماسنجر ) مستعمل يريد صاحبه أن يبيعه في محل للاتصالات، فذهب بندر بلا تردد وسأل صاحب المحل ( يقولون عندك ماسنجر جديد ؟، بس بالله بطاريته زينه أو لا )، طبعًا بندر أضاف جملة ( بس بطاريته زينه أو لا ) ليتأكد من أنَّ صاحب المحل لن يخدعه، وأنه يعرف ( الكُفت)!!.
كان بندر يطمح أيام البحث له عن شريكة للحياة في فتاة بيضاء !، لا يهمه أي شيء آخر !، قصيرة أو طويلة، كبيرة أو صغيرة، مريضة أو صحيحة، لا يهم، يقول أريد بيضاء ولو كان بياضها ( بهاقْ )، ولكن بعد أن طالت مدة البحث رضي أن يخنع للأمر الواقع، وتزوج بفتاة – يُقال – أنها تُشبه.. (محذوف).
صفات بندر اكتسبها من ذويه، أمه وأبيه !، بدريّه وسيف، لديه أخ اسمه صخر وآخر أصغر منه اسمه شهاب وأخت اسمها سوسن !، سوسن هذي سمّاها الأب وهو في رحلة علاج بمصر، أما الأخوين فلا أعتقد أنه سماهما وهو في رحلة للفضاء !، عمومًا هي عائلة من العوائل التي تسكن أرض العريجاء؛ أمهم بدريّه – أطال الله بعمرها على الطاعة – أشهر أمهات الحارة، أما الأب سيف، فقد بدأ حياته في قيادة التاكسي، حتى يُقال أنه وفي أول أيامه بالتاكسي كان الناس يستوقفونه قائلين ( تاكسي، تاكسي ) فيرد عليهم قائلًا( عارف، عارف أنه تاكسي، ياخي ذا العالم أول مرة يشوفون تاكسي )، جلس يقود التاكسي 4 سنوات لم يربح فيهن فلسًا، ذلك أنه لا يقف لمن يقول له (تاكسي، تاكسي).
نعود الآن لبندر وشهر العسل، فهو يهاتفني يوميًا ليعطيني آخر الأخبار ولأقوم بالمتابعة وإعطاءه الأماكن المناسبة عن طريق الإنترنت، أكثر ما أضحكني أن بندر لا يرد على هاتف الغرفة في الفندق خوفًا من أن يقع في حرج مع زوجته وهو يهاتف موظف الاستقبال، فهو لا يدري بأن هناك لغة أخرى اسمها اللغة الإنجليزية، فما بالك بأن يتحدثها !!، عند قدومه للفندق أراد حجز غرفة على قد حاله، سرير لنفرين ومُطلة على المسبح، فأخذ يتكلم الموظف بالإنجليزية وبندر يقول ( يس، نو، يس يس، نو نو )، يقول أني كنت أُجيب ب (يس) إذا كانت نبرة الموظف هادئة، و (نو) إذا كانت عالية !، يقول آخر الأمر أخذت الموظف لغرفة المساج، فقلت له نو نو، ثم أخذنا للنادي الصحي، فقلت أيضاً نو نو، آخر الأمر أخذ بندر الموظف إلى الأريكة ونام عليها وقال يس يس !، فأخذهم للغرفة أخيراً ؛ ذهب بندر إلى البحر واستأجر دبابًا بحريًا، وهو الذي لم يره قبل ذلك في حياته، من المعروف أن دباب البحر لا ينعطف إلا في حالة أنك (تدوس بنزين)، أما غير ذلك فهو لا ينعطف البتة، يقول بندر ركبت أنا وزوجتي المصون واتجهت إلى نصف البحر حيث لا أحد يرانا، ثم توقفت وأخذت أبادل زوجتي القُبل والكلام المعسول حتى فرغنا، ثم اتجهت عائدًا، ومن نشوتي وفرحتي كنت مسرعًا جدًا، ففكرت أن أُبدي بعضًا من الجنون لزوجتي وأثبت لها أني بارع في قيادة الدبابات البحريّة وأني أملك واحدًا في مزرعتنا في حريملاء!!!، فاتجهت بأسرع ما يمكن ناحية الصخور على رصيف الشاطئ، ولما اقتربت حاولت الانعطاف يمنةً ولم ينعطف الجيت !!، لم أستطع التفكير ولا أذكر ما حدث، يقول بأن الدباب أقلع من على الصخور إلى الشارع العام ونحن فوقه، وبعد أن حط فوق الإسفلت جاء دورنا لإكمال الرحلة ناحية الأشجار، زوجتي في شجرة موز وأنا جوز هند !.
ذهب بندر ليتمشى في أسواق كوالالمبور الكبيرة، ويعرف زوجته من حذائها - أكرمكم الله – والذي ابتاعه قبل أيام من كوالالبمور نفسها، يقول مررنا بجانب محل للألعاب فسبحت في خيال أنه جاءني ولد، ثم تنبهت فلم أجد زوجتي بجانبي، فأخذت أبحث عنها وأنا أنظر لأحذية النسوة، فوجدتها أخيرًا في محل لبيع العطور، دلفت وأنا أتبسّم وأردت ملاطفتها، فقربت من أذنها ولمست مؤخرتها وأنا أقول ( تنحاشين عني يا قلبي ) !، حسن يبدو الأمر واضحًا، لم تكن زوجته !، ولكم أن تتخيلوا ماذا حدث له.
في إحدى الليالي ذهب بندر بعد أن نامت زوجته إلى ملهى ليلي، ليختلي بنفسه قليلًا – على حد قوله-، فعاقر الخمرة وشرب حتى أصبحت نسبة الدم في الكحول 2%!!!، وفي آخر الليل خرج من الملهى ومعه فتاة، وركب مع التاكسي وأعطاه كرت الفندق، وصل إلى الفندق واتجه صوب غرفته التي تنام فيها زوجته !، فتح الباب ودخل ومعه الفتاة، فقابلته زوجته المسكينة والتي باتت ساهرة تنتظره !، يقول بندر بأن تلك اللحظة كانت أشد لحظات حياته ذكاءً وحنكة، أتدرون ما قال ؟، لقد قال :
(شوفي هذي شغالة بنخليها معنا لين نرجع الرياض!!!!)

انتهى، لكن بندر ليس كذلك.

هناك تعليق واحد: